“انسَ يا فوفي”.. فهذا المشهد Déjà vu!

“الشوفة غير الحكي”، مقولة تنسحب على ملف قانون السير الجديد في لبنان ومدى الالتزام به. فالكلام الذي يصدر عادة عن الجهات المعنية بتطبيق القانون وقمع المخالفات يبدو مشجعاً وكأن الزخم الذي رافق ولادة هذا القانون وبدء العمل به لا يزال ساري المفعول. الا ان مراقبة الطرقات في مطلق أي منطقة من لبنان تخلص الى نتيجة مغايرة: “الواتساب” لا يزال الراعي الرسمي لزحمة السير وعدادات الموت، القيادة تحت تأثير الكحول والمخدرات مستمرة، “حليمة عادت الى عادتها القديمة” مع السرعة الزائدة، شاحنات تسير خارج الدوام وبحمولات اضافية، سيارات “مفيّمة” او من دون لوحات، والدان و”شلّة” أولاد على دراجة نارية.. ولائحة المخالفات والجنون تطول!
وان سُئل مواطن “شو صار بقانون السير الجديد”، لأجاب على طريقة “ابو طلال”: إنسَ يا فوفي!”.
يقرّ مؤسس جمعية “يازا” زياد عقل “بأننا أمام واقع مكرر”. يتابع في حديث لـ “لبنان 24”: “هذه ليست المرة الاولى التي تحاول فيها الدولة تطبيق قوانين السير والعمل على الحدّ من حوادث السير، الا ان هذه المحاولات تتلاشى كونها مرحلية وغير متواصلة ولا جديّة. ما نشهده اليوم هو فعلا Déjà vu!”
لا ينفي عقل ان “المحاولة الاخيرة كانت اكثر جديّة من سابقاتها”. كما انه لا ينكر السعي المستمرّ في قمع بعض المخالفات، وفي هذه نقطة ايجابية”.
لكن المطلوب أكثر! كانت جمعية “يازا” على علم وادراك تام بأن تطبيق قانون السير الجديد وبالتالي الانتقال الى مرحلة جديدة لن “يكون في يوم وليلة”. ولا حتى في سنة او اثنتين. “هذه عملية تصاعدية ومتواصلة ليست بسهلة، تتطلب جهوداً وتوافر أكثر من عامل مساعد”، يقول عقل مؤكداً ان “وضع البلد يؤثر في هذا الملف شئنا ذلك ام ابينا”.
اليوم يضاف عامل سلبي الى العوامل المعيقة لتأمين السلامة المرورية. لا يمازح عقل حين يشير الى “النفايات المكدسة على الطرقات”. يذكّر بالضحية التي أعاقت الزبالة سلوكها جسر المشاة، فقضت على الطريق. هل يعني عقل ايضاً ان ملف النفايات طغى على ما سواه من ملفات على قدر من الاهمية او انه انسى المعنيين قانون السير الجديد؟
بالنسبة اليه، فإن اعادة احياء الزخم الى قانون السير الجديد وتطبيقه بحاجة الى قرارات سياسية على المستويات كافة. يقدم اكثر من مثال: “تلحظ المادة 353 من القانون خضوع كل السيارات التي تدخل الى لبنان عبر المنافذ البحرية والبرية الى معاينة للتأكد من انها صالحة للاستعمال. لكن الواقع مغاير، فهذه المركبات تسير على طرقات لبنان من دون حسيب او رقيب وتؤدي في نهاية المطاف الى خطف روح سائقها”. يخلص عقل الى ان ضبط المعابر الحدودية يستلزم اتخاذ قرار سياسي صارم.
ويتابع: “مثال آخر هو خضوع كل المركبات الى معاينة ميكانيكية والحصول على التأمين الالزامي، وهذا ما لا يحصل عملياً اذ ان آلاف السيارات لا تخضع للمعاينة كما يفرض القانون”.
ولا ينسى عقل تأثير مجلس النواب المعطلّ على هذا الملف كونه الجهة الرقابية على عمل الادارات المعنية، بالاضافة الى دور القضاء في التشدد باصدار الاحكام والعقوبات، مضيفاً: “على مستوى السلطات المحلية ايضاً، ثمة قرارات سياسية يجب ان تؤخذ بشكل حازم، فمثلاً تضطلع شرطة البلدية بتطبيق قانون السير، لكن هل هذا ما يحدث اليوم حقاً؟”
الاهم بالنسبة الى جمعية “يازا” هو انشاء وحدة المرور، كما جاء في القانون :”هذا الموضوع اساسيّ وعلى قدر من الاهمية ذلك ان الهدف من وحدة المرور هو زيادة فعالية عمل القوى الامنية اذ بغيابها نلحظ خللا في التخصص.”
ويؤكد عقل ان “الموضوع ليس بسيطاً”، مطالباً باتخاذ القرارات الحازمة بغية المضي في تطبيق القانون: “نحن امام ورشة كبيرة، والايجابية قائمة ومستمرون كجمعية في الضغط بشتى الوسائل لحث المسؤولين على وضع هذا الملف في سلم اولياتهم بغية الوصول الى الاهداف المرجوة “.
واذ يؤكد ان الاحصائيات تشير الى ان نسبة حوادث السير التي حصلت في العام 2015 قد انخفضت مقارنة مع العام الفائت، الا ان المعيار بالنسبة اليه لا يقاس من خلال الارقام التي تنخفض او ترتفع بشكل طفيف، انما عبر الانتقال من مرحلة الى اخرى دائمة وثابتة يكون فيها المؤشر نحو الانخفاض الملحوظ.