خرج قانون السير الجديد من نفق المجلس الدستوري بعد سبع سنين من المفاوضات بين مجلس النواب وجمعيات المجتمع المدني التي تصب عملها في صلب السلامة المرورية. القانون الذي من المفترض أن يكون اقراره أمراً أسهل من اخراج الشعرة من العجينة، بقي يصارع في ادراج مجلس لجنة الإدارة والعدل وادراج مجلس الوزراء.
المخالفة الدستورية التي قام بها مجلس الوزراء والذي قضى بإستئخار تطبيق قانون السير الجديد، أتت بعدما أقر مجلس النواب قانون السير الجديد الذي حمل الرقم 243 بتاريخ 25/10/2012، ونُشر يومها في الجريدة الرسمية في العدد رقم 45. وبناء على ما تقدم، دخل القانون منذ لحظة نشره في الجريدة الرسمية حيز التنفيذ والتطبيق، إلا أن مجلس الوزراء قرر، بشكل مباشر او غير مباشر، أن يخالف الأسس الديمقراطية المرتبطة بفصل السلطات، رغم عدم أحقية مجلس الوزراء الطعن بالقانون، لأن الدستور اللبناني أناط مجلس النواب حصراً في الطعن بمبدأ فصل السلطات. فما كان منه إلا أن أصدر قراراً بتاريخ 27/2/2013، يحمل الرقم 124، يقضي "بناءً على اقتراح وزير الداخلية والبلديات مروان شربل"، الطلب بموجبه من الإدارات العامة والمؤسسات العامة المعنية استئخار تطبيق أحكام قانون السير الجديد، والاستمرار في العمل بأحكام القانون القديم إلى حين الانتهاء من التعديلات اللازمة على القانون الجديد، ناسفاً بذلك كل جهود جمعيات المجتمع المدني في اقرار قانون عصري جديد لقانون السير، اسوة بدول العالم المتقدمة.
تلك المخالفة، استوجبت احالة الموضوع إلى مجلس شورى الدولة، فوجدت جمعية "رودز فور لايف" وجمعية اليازا ضالتهم القانونية، متقدمين بمراجعة، بوكالة مكتب المحامي زياد بارود، تطعن بالقرار أمام مجلس شورى الدولة في 27 نيسان 2014. قبل المجلس نفسه قرار مراجعة الطعن، مصدراً قراره في 2 تموز الحالي بإبطال قرار مجلس الوزراء القاضي باستئخار تطبيق قانون السير الجديد. وبات من الواجب القانوني تطبيق القانون الجديد.
رئيس قسم الإعلام والعلاقات العامّة في هيئة إدارة السير النقيب ميشال مطران، سبق وأشار في حديث سابق إلى "مختار" إلى أنه في حال اقرار قانون السير الجديد، سيكون مضمونه ومواده، من أفضل القوانين التي تراعي السلامة المرورية في العالم.
بدأت ورشة لجنة دارسة القانون الجديد، والذي كان النقيب مطران عضواً فيها بالإضافة إلى رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي الكولونيل جوزيف مسلم، منذ منتصف العام 2005، بالتعاون مع أهم خبراء السلامة المرورية في لبنان. واوضح مطران أن النقاط الجديدة التي لم تكن موجودة في القانون القديم ارتكزت على عدة مواضيع، منها تحديد نسبة الكحول المسموح تواجدها في دم السائق(0.5 غرام/ليتر). كما نصت مواد القانون الجديد على تحويل مكاتب تعليم القيادة إلى مدارس، وفرض اجراء دورات تأهيلية على كل المدربين الموجودين حالياً، ووضع شروط صارمة لقبول مدربين جدد، من ضمنها أن يكون حاملاً لشهادة TS، تفيد بأنه خبير سير، وهذه الشهادة يُعمل حالياً على دراسة امكانية ادخالها إلى المناهج التعليمية في المدارس المهنية والتقنية.
واضاف مطران أن التغيّير الجذري، يتعلق بتغيير نظام رخصة السوق. "السجل المروري" على نسق "السجل العدلي"، بحسب مطران، يُسجل عليه كل المخالفات التي نفذها السائق، ويتم سحب النقاط بحسب كل مخالفة. السائق يحصل على 20 نقطة أساسية، وعندما تسحب منه كل النقاط، يضطر السائق إلى تقديم امتحان سوق جديد، اضافة إلى المشاركة في دورات تأهيلية.
برأي مطران، أن أهم ما نص عليه القانون الجديد، يقضي بإنشاء مجلس وطني للسلامة المرورية، وانشاء لجنة وطنية للسلامة المرورية، وانشاء وحدة المرور في قوى الأمن الداخلي، إضافة إلى إنشاء معهد أكاديمي في قوى الأمن الداخلي لتدريب العناصر والضباط على ثقافة السلامة المرورية.
كما نبه مطران المواطنين إلى أن مخالفات السير زادت، وتغيرت فئاتها ورسومها، لتصبح مخالفات يعاقب القانون عليها بشكل تدريجي، أي أنها كلما زادت المخالفات، كلما ازدادت قيمة الغرامات تدريجياً.
كما اعتقد مطران أن "الخضوع لإمتحان الحصول على رخصة السوق، ضمن المنهاج والمعايير الموجودة اليوم، يوازي عدم الحضور وعدم الخضوع لأي امتحان، بسبب غياب المهارات اللازمة في اعطاء الرخصة". واضاف أن "الأمر لا يفرق كثيراً، بين حضور المواطن وخضوعه لإمتحان السير وبين عدم حضوره، لأنه لا يوجد خبرات كافية لدى المدربين في تعليم السلامة المرورية واصول القيادة، بل اشخاص تراكمت لديهم الخبرات بفعل السنين".
يُعتبر القانون الجديد، بحسب عدد من الخبراء، ممتازاً في المنحى النظري، لكن تطبيقه يبقى الأهم. وعلى سبيل المثال، قانون السير الخاص بالعام 1967 الذي اُلغي لاحقاً، لم يطبق حرفياً وبشكل جديّ، ويجب أن يكون الإحتفال بصدور القوانين مرتبطاً بتطبيقه على الطرقات.