اللجان النيابية المشتركة تقر 15 مادة من أصل 420 من قانون السير
سعدى علوه- جريدة السفير
انتظر اللبنانيون أمس انتهاء النواب، أعضاء اللجان النيابية المشتركة، من جلستهم «الشهيرة»، ليعرفوا مصير أكثر من قضية حياتية ومصيرية عالقة، كان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد وضعها على جدول الأعمال، وأبرزها قانون السير الجديد، واقتراح القانون المتعلق بالأحوال الشخصية، بالإضافة إلى عدد من المراسيم والقوانين المتعلقة بتعيين أساتذة التعليم الثانوي في المدارس الرسمية والناجحين في المباراة المفتوحة (2008).
وما ان انتهت الجلسة حتى علت صرخة رئيسها النائب روبير غانم محتجاً على تطيير النصاب بعد ساعة من الاجتماع، ما أدى إلى إقرار 15 مادة فقط من قانون السير وإلى تأجيل جدول الأعمال المتبقي كله.
ولم يكتف غانم بالاحتجاج، بل لوّح برفع أسماء النواب الذي لا يحضرون الجلسات المقبلة إلى رئاسة المجلس، وخصوصاً أولئك الذين يتغيبون من دون أسباب وجيهة أو لا يكلفون أنفسهم عناء الاعتذار عن الحضور.
واستدعى تأجيل البت بالقضايا التي تعني الأساتذة إلى إصدار لجنة المتابعة للأساتذة الثانونيين الناجحين في مباراة مجلس الخدمة المدنية للعام 2008، بياناً عبروا فيه عن «دهشتهم واستغرابهم لآلية التعامل مع القضايا الأساسية الملحة، وخصوصا التربوية منها، وتحديدا موضوع إقرار اقتراح القانون المتعلق بتعديل القانون الرقم 441، لجهة تعيين جميع الناجحين في المباراة، علما أن الاقتراح قد أدرج في جدول أعمال جلسة اللجان النيابية المشتركة منذ أربعة أسابيع متتالية، وما زال».
وطالبت اللجنة جميع النواب المعنيين بإيلاء الاقتراح الخاص بهم «مزيدا من الاهتمام والرعاية لما يتضمنه من أحقية موجبة، وذلك في جلسة اللجان النيابية المشتركة المرتقب انعقادها الأسبوع المقبل، وصولا إلى إقراره وبلوغ الغاية المرجوة».
وفي ما يتعلّق بقانون السير، أكّد رئيس لجنة الأشغال النيابية النائب محمد قباني لـ«السفير» ان «النواب أعضاء اللجان المشتركة أقروا أمس خمس عشرة مادة من أصل 420 مادة تشكّل مجمل قانون السير المقترح»، مشيراً إلى انه ستتم متابعة دراسة القانون وإقراره في الجلسات المقبلة حيث انه «يحتاج إلى وقت نظراً لأهميته».
وأوضح مقرر لجنة أمس النائب حكمت ديب لـ«السفير» انه جرى إقرار المواد الأولى من اقتراح قانون السير، والمتعلقة بالتعريفات، وببعض المواد المرتبطة بالمشاة، قبل أن يسجل وزير الزراعة ملاحظتين تتعلقان برخص السير الخاصة بالمزارعين. وفي البند المتعلق بالمشاة، طالب البعض بمنع المشاة من قطع الطرق السريعة فتبين أن هذه النقطة واردة في مادة أخرى من القانون.
وطالب وزير الزراعة حسين الحاج حسن بخفض مساحة الأراضي المطلوبة لمنح المزارع رخصة سير لمركبة زراعية من خمسة آلاف متر مربع إلى ثلاثة آلاف، كما طالب بمنح رخص سير لمربي النحل وفق شروط محددة لكمية الحمولة المطلوبة، وتم التجاوب مع المطلبين.
وعلمت «السفير» أنه، على الرغم من الوقت الطويل الذي استغرقته دراسة قانون السير الجديد، حيث تأخر لبنان كثيراً عن إقراره بعدما التزم باتفاقية فيينا الدولية واتفاقية الإسكوا الخاصة بالنقل وتلك الثلاثية ما بين لبنان وسوريا والأردن، إلا أن العديد من النواب تعاملوا مع القانون وكأنهم يسمعون بمصطلحاته وبنوده للمرة الأولى. علماً ان القانون سبق ونوقش في اللجان النيابية المشتركة، قبل تحويله إلى إحدى اللجان الفرعية لدراسته، ومن ثم إعادته إلى اللجان المشتركة.
وعليه، منح رئيس جلسة أمس النائب روبير غانم النواب الأعضاء مهلة أسبوع لدراسة القانون والاطلاع عليه ووضع ملاحظاتهم في باقة واحدة تمهيداً للتعجيل بدراسته ومناقشته خلال جلسات اللجان النيابية، خصوصاً أن القانون يتألف من 420 مادة، فإذا أقرت 15 مادة فقط في كل جلسة، فإن اللجان النيابية تحتاج إلى 28 جلسة للانتهاء منه!!
وأوضح رئيس لجنة تعديل قانون السير القاضي فوزي خميس لـ«السفير» ان التعديلات المقترحة على القانون الجديدة هي «زبدة» المراجعات ونتيجة الاطلاع على قوانين سير عصرية في دول غربية وعربية عدة»، مشيراً إلى انه التعديل الجذري الأول الذي يحصل منذ إقرار القانون في العام 1967، مع انه سبق أن حصلت بعض التعديلات ولكنها «طفيفة».
وتوقف القاضي خميس عند «مأسسة» إصدار رخصة القيادة وفقاً للقانون الجديد، حيث سيصبح تعلم القيادة وإصدار رخصتها حكرا على مدارس متخصصة يتزود العاملون فيها بشهادة تعليم مهني في تعليم القيادة (TS)، بالإضافة إلى اعتماد نظام النقاط في رخصة القيادة ومعاقبة السائقين المخافلين عبر سحب النقاط وصولاً إلى نزع رخصة القيادة.
ويشير القاضي خميس إلى انه تم إدخال التأمين الإلزامي على الأضرار المادية أيضا بعدما كان حكراً على الإصابات البشرية، موضحاً أن تطبيق القانون بعد إقراره في مجلس النواب يحتاج إلى وقت ومهلة، حيث يحتاج تخريج متخصصين بتعليم قيادة السيارات إلى ثلاث سنوات مثلاً.
وتأتي التعديلات التي أدخلت على القانون بعد اثنين وأربعين عاما على صدور القانون الأول عندما كان عدد السيارات في لبنان يقارب خمسة وخمسين ألف سيارة، بينما يفوق العدد اليوم مليوناً ونصف مليون سيارة في البلاد.
واستقت لجنة إعداد القانون معاييرها القانونية من روحية اتفاقية فيينا للطرق الدولية التي وقعها لبنان وأصبح ملزماً ببنودها، بالإضافة إلى اتفاقية الأسكوا الخاصة بالمشرق العربي، واتفاقية المشرق بين كل من لبنان وسوريا والأردن الخاصة بخط سير الشاحنات التي وقع عليها لبنان في العام 2001.
ويتضمن قانون السير الجديد الذي يقع بمواده الـ420 في حوالى ثلاثمئة صفحة فولسكوب، اعتماد قاعدة بيانات وملف لكل سائق وفقاً لنظام النقاط (عشرون نقطة) وسحبها تدريجياً لدى المخالفات، ووفقاً لحجم كل مخالفة (أنظمة مرور، كحول). كما خصصت مدرسة لتعليم القيادة، وتصنيف الدراجات النارية (قوة محرك ووزن وحمولة)، واقتناء كل سائق معدات السلامة المرورية (إطفائية وأضواء خاصة بالضباب وآلة لفحص نسبة الكحول)، تحديد وضبط كيفية السير على المسالك والمعابر ومنح المشاة أولوية العبور على الخطوط البيضاء ومنح الأولوية للمكفوفين والمعوقين، حظر القيادة أثناء حالات السكر والتحدث على الهاتف، ومنع استعمال الأبواق والمنبهات الصوتية وحصرها بالقوى العسكرية وسيارات الإسعاف وعدم السماح للمواكب الرسمية باللجوء إليها وحصرها ليلاً بالإشارات الضوئية، وضبط السرعة والإرغام على خفضها قرب المنعطفات وفي داخل المناطق المأهولة وقرب المستشفيات والمدارس، كما يضع القانون موادّ خاصة وجديدة بآليات التوقف والوقوف وأماكنه المسموحة والمحظورة على حد سواء.