إلى متى الاستهتار بالاشارات الضوئية؟
كامل إبراهيم
عضو هيئة إدارية - يازا لبنان
.jpg)
إن معظم السائقين يظلمون "إشارة المرور الضوئية" الواقفة على مفترق كل طريق منتظرة من يُعَبِّرها ويحترمها! فهي على الرغم من شكلها الهزيل وألوان أضوائها الثلاثة الأحمر والأصفر والأخضر تنظم حركة سير المركبات وتنقُّل الناس، وتساهم في الحد من حوادث السير.
الا انه من المؤسف ان اشارات المرور الضوئية في لبنان، لم تخضع الى اي عملية تطوير أو صيانة كما في البلدان النتقدمة بل يزداد وضعها سوءاً يوماً بعد يوم.
على مر السنين، تغيرت وتطورت أشكال الطرق والمركبات والإشارت حول العالم إلا تلك الإشارة المسكينة عندنا التي لم ينلها أي نصيب من التحديث أو التطوير إلا مؤخراً وبشكل خجول فأصبحت كأنها متروكة مظلومة لا يأبه لها أحد في غياب شرطي السير رغم أهميتها القصوى التي تظهر جلية حين تغتنم فرصة وجود الشرطي لتبسط سلطتها على السائقين وتنظم سيرهم وتمنع الحوادث عنهم. ولكن تجاهلها المستمر وعدم الإهتمام بها (صيانتها) يجعلها تضرب عن العمل أحتجاجاً، الأمر الذي يؤدي إلى اختلاط الناس والمركبات بعضهم ببعض في فوضى عارمة تزعجهم وتعطل أعمالهم فيذكرون حينها تلك الإشارة المسكينة بالخير ويسارعوا إليها لرد اعتبارها وتطييب خاطرها المكسور.

إن القول بأن تلك الإشارة المسكينة التي تعمل على مدار الساعة دون كلل أو ملل هي مهملة الحقوق لم تنل حظها من التطوير والتحديث في لبنان ليس كلاماً مبالغاً فيه. فإنظروا إليها كيف هي واقفة على عامود أسود بلون الموت كأن من اخترعها عرف أن مصير من يتجاوزها هو مغادرة عالم الأحياء، أضف إلى ذلك الغبار الذي يكسوها كأنها قطعة خردة لا لزوم لها.

وهل لاحظتم خجل الإشارة عندنا حين تواجه عين الشمس فيتوارى ضوء مُحَيَّاها فلا يعرف الناظر إليها أهي ترمقه بعين حمراء أم صفراء أم خضراء فتصيب السائق بعمى الألوان فينطلق ليلاقي حتفه رغماً عنه وعنها..!!! والسبب هو في وضعها في أي مكان وكيفما كان.
فأنظمة المرور تنص على أهمية وضوح رؤية الإشارة الضوئية عند الإقتراب منها حتى يتمكن السائق من التصرف الصحيح في الوقت المناسب. لهذا، نجد في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال أن عمود الإشارة قد اعتبر عائقاً للرؤية فتم إلغاؤه وهو ما يفسر أن معظم الإشارات الضوئية لديهم معلقة في الهواء، أما عندنا، فالوضع عكس ذلك تماماً حيث المنافسة على أشدها لوضع المزيد من العوائق البصرية كوضع لوحات الدعايات أمام الإشارات الضوئية.. ناهيك عن الإشجار التي تنمو أمامها وتغطيها لتصبح إشارة المرور إشارة للطيور.
في النهاية ليس هنالك من خلاف حول أهمية الإشارات الضوئية وضرورة الإلتزام بها كونها الحارس لحياة سالكي الطرق، إلا أن الوضع الذي نراها فيه الآن لا يبشر بالخير ولا يدل على الإعتراف بأهميتها بتاتاً. لذلك، على المسؤولين أن يعيدوا النظر بشكلها ومضمونها ليردوا لها اعتبارها وروحها وتكون حية فرحة بيننا تنظم سيرنا ولا تضرب عن خدمتنا.